قال علي عليه‌السلام : إِنَّهُ لَيْسَ لِأَنْفُسِكُمْ ثَمَنٌ إِلَّا الْجَنَّةَ فَلَا تَبِيعُوهَا إِلَّا بِهَا؛ امير مومنان عليه‌السلام مي‌فرمايند: همانا براي شما بهايي جز بهشت نيست، پس به کمتر از آن نفروشيد. (نهج‌البلاغه، حکمت456)

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين والصلوة والسلام على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين. لاسيّما الإمام المنتظر المهديّ، الحجّة بن الحسن العسكريّ، عجّل الله تعالى فرجه، وجعلنا من أعوانه وأنصاره والفائزين بعنايته ورضاه.

أمّا بعد، فمن أفضل ما مَنَّ الله به على هذا العبد العاصي صحبة الاُستاذ العلاّمة الأوحديّ السيّد محمّدحسين الطباطبائي(دام‌ظله‌العالی).(1) فقد نفعني به في تفسير القرآن والفلسفة الإلهيّة وسائر المعارف الإسلامية نفعاً يعجز عنه شكري. فله حقّ عظيم عليّ وعلى جميع المتعلّمين في هذا العصر، بل على كافّة المسلمين. فجزاه الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء، وبلغ به في مدارج القرب غاية مناه.

وإنّ لسيّدنا الاُستاذ كتباً قيّمة وآثاراً نفيسة. ومن أنفعها للطلاّب بعد تفسيره


1. وبعدَ مُضيّ أكثر من سنة من كتابة هذه السطور ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدّها شيء، وحدث في الحوزة العلميّة فراغ لا يملأه شيء، واُصبنا بمصيبة لا يسلّينا منها شيء، وهي وفاة سيّدنا الاُستاذ الوحيد، والعلاّمة الفريد، حيث ارتحل في الثامن عشر من محرّم الحرام من عام 1402 إلى الرفيق الأعلى. فسلامٌ عليه يوم ولد (29 ذي الحجّة 1321) وسلام عليه يوم هاجر إلى اللّه ورسوله ووليّه أمير المؤمنين(علیهماالسلام) وسلام عليه يوم نزل في عُشّ آل محمّد قم المشرّفة، وسلام عليه يوم نهض بأعباء التعليم والتربية، والتدريس والتزكية، وقاسى شدائد الدهر العنيد، وعانى الجفاء من القريب والبعيد، وسلام عليه يوم لبّى دعوة ربّه، وأسرع إلى جوار جدّه، وسلام عليه يوم يُبعث حيّاً في صفوف الأولياء المقربين، والعرفاء الشامخين، والحكماء المتألّهين، حشره الله مع أجداده الطيّبين الطاهرين، وشفّعه في أحبّائه وتلامذته، وأعطاه من فضله فيرضى.

المسمّى ب‍ «الميزان» هذا السفر الجليل الذي ألّفه إجابةً لمسؤول الكثيرين من الفضلاء، وروّاد نُقاوة أفكار الحكماء. وقد افتخرت بتدريسه مع قلّة بضاعتي وقصور باعي. وعند اشتغالي به بدا لي أن أكتب ما يخطر ببالي في توضيح مطالبه، وتسهيل موارده، واُشير إلى بعض ما ينفع الطالب من مسفورات القوم، واُضيف إليه تذكّر ما يصعب عليّ فهمه، أو يشرد عليّ قبوله، مع الإشارة إلى وجه الصعوبة والشراد. فلعلّ ناشداً يجد فيه ضالّته، أو راشداً يردُّ عليَّ شاردَه.

ولقد كنت أودُّ أن اُراجع ساحة الاُستاذ في ما أشكل عليّ، وأستشفي بفضل تعليمه داء الجهل، وأجبر ببركة بيانه كسر الفهم. ولكن حالت الأقدار بيني وبين مُنيتي، وعاقتني حوادث الدهر دون بُغيتي والله المستعان وله الحمد على كلّ حال.

فأرجو من سماحته أوّلاً ومن القرّاء الكرام ثانياً أن يعذروني في ما قصر فهمي عن نيله، وما عجز قلمي عن أداء حقّه. وأسأل الله تعالى أن يجعله خطوة متواضعة في طريق إنماء العلم والحكمة وينفع به طالبي الحقّ والحقيقة، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، وينفعني به يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاّ مَنْ أَتَى الله بِقَلْبٍ سَلِيم، والله هو الموفِّق والمعين.

 

قم المشرّفة ـ محمّد تقي مصباح اليزديّ

ذيقعدة الحرام ـ 1400

آدرس: قم - بلوار محمدامين(ص) - بلوار جمهوری اسلامی - مؤسسه آموزشی و پژوهشی امام خمينی(ره) پست الكترونيك: info@mesbahyazdi.org